الاثنين، 17 مايو 2010

خاص "بلمنديون"


غادة عيد: "خلقت ذهنية جديدة في التعاطي"



- أسلوبي هجومي مع المسؤولين وليس الناس
- عندما لا أستطيع أن أنام في بيتي 40 يوماً بسبب مذكرة توقيف, فأنا أدفع الثمن

حاورها من بلمنديون:
ريتا دياب, دانا حمدوش, وجيسكا مقديسي

امرأة عملت بجهد في عدّة مجالات إعلامية لتصل في النهاية إلى إعداد وتقديم برنامج هزّ المجتمع اللبناني الذي يعاني من الفساد، وهو برنامج "الفساد"، الذي كان بداية نضالها الإعلامي. إنها مثال للمرأة الجريئة والقوية في مجتمع ذكوري حيث تتعرّض المرأة للقمع. لم تتنازل عن شيئء مع أنها تعرضت للكثير من الضغوطات وواجهت دعاوى قضائية كانت حافزاً أقوى لتستمر في نضالها. اتهمت بالعدائية والهجومية، لكنها مستعدة للمستحيل للمدافعة عن وطنها وشعبه الذي هو بالنسبة لها واجب عليها.

هذه هي الإعلامية غادة عيد المرأة التي تتخطى كل الحواجز لتصل إلى مرادها من أجل مستقبل أفضل. وكان لنا هذا الحوار معها.

- من هي غادة عيد؟ كيف تعرّفين نفسكِ؟

أنا إعلامية أعمل ضمن مهنة أعتبرها رسالة وقضية أكثر من ما هي مهنة. عشرون سنة وأنا في مجال الإعلام، من الصحافة المكتوبة والتلفاز، ضمن أخبار فضائية، إلى برنامج "الفساد". "بكل بساطة هيدي هي غادة عيد" (تقولها ضاحكة!)

- لماذا اخترت برنامج "الفساد"؟
اخترته لأنه لا قيمة للإعلام إن كان يتمحور حول السياسة والسجالات السياسية التي لا تؤدي إلى أي مكان، إن لم يهتم الإعلام بمعاناة الناس، فما قيمته؟ أكثر ما يعاني منه المواطن اللبناني هو الفساد الذي يسبب هدر المال العام، ويتسبب بظلم الناس، وهجرة الشباب والبطالة. سوء الإدارة في بلدنا تزيد من متطلبات المواطن الذي لا يحصل على حقوقه كمواطن في وطنه. هذه الأسباب حفزتني على تبني قضايا الفساد.

- ما مدى اقتناعك بأن برنامج كالفساد قد يساهم في تنظيف لبنان من الفساد المنتشر فيه؟
طبعاً يساهم، لا يغيّر بمفرده ولكن كما يقول المثل "بحصة بتسند خابية". منذ فترة صدر حكم براءة بحقي بخصوص المخالفات التي حصلت في وزارة الصحة حيث مدير ضمن هذه الوزارة شعر بالإهانة بسبب تسليطنا الضوء على ممارسات خاطئة حدثت ضمن إدارته. لذا بإصدار حكم البراءة أثبتت المحكمة أن من واجب الإعلام تسليط الضوء على الأمور المسببة لهدر المال العام في الإدارات.
إذا طبعاً هناك مساهمة من قبل البرنامج لتنبيه السياسيين والمدراء والقضاة أن هناك عين مراقبة تكشف أيّة مخالفة والمواطنين يتوجهون للإعلام للشكاوى في حال لم يسمع صوتهم، فهذا هو دور الإعلام.

- كثيرون هم من يتهمونك بأنك هجومية وعنيفة في حواراتك ما ردّكِ وتبريركِ؟
"أصلا عندي برنامج عنوانه "الفساد"، إنو شو بدا تكون طريقتي" (تقولها بانزعاج!). لو أنني أقدّم برنامج شعر أو برنامج اجتماعي فطبعاً طريقتي كانت لتكون أبسط ومختلفة كلياً.
أعتقد أن أسلوبي الهجومي أعتمده مع المسؤولين وليس مع الناس، فالناس هم ضيوفي أصحاب قضايا أنا أكون إلى جانبهم وداعمة لهم. الإعلامي الذي يعمل على قضية معينة يجب أن يكون لديه حزم وموقف، وأن يكون قادر على الوقوف والمدافعة عن القضية التي يتحدّث عنها. ولا أعتقد أن المشاهدين لديهم مشكلة مع أسلوبي.

- ماذا غيّر فيك برنامج الفساد؟ ما الذي أضافه؟ وماذا خسرت؟
قبل الفساد عملت ضمن الصحافة المكتوبة وتكلمت عن معاناة الناس ومشاكلهم وقضايا الفساد. فأتى برنامج الفساد كتتويج لأعمالي السابقة. لم أخسر شيئاً بسبب البرنامج ولكنه أضاف لي الكثير، قرّبني من الناس وعرّفهم عليّ وباتوا قادرين على الاعتماد على منبر التلفاز والإعلام لإيصال صوتهم.

- ما هو مستقبل برنامج الفساد؟
برنامج الفساد باقٍ منبر حي، يتيح للناس الذين لديهم معطيات ومعلومات يوصلونها للقضاء والإدارات المعينة ولا يلقون جواباً، أن يلجئوا لبرنامج الفساد وهكذا تصل للرأي العام. برنامج الفساد هو صورة للوجه الإعلامي الذي يجب أن يعتمد. إذا كنا فعلاً نتمتّع بنظام ديمقراطي حُرّ وحرية تعبير وإعلام فنحن بحاجة لبرنامج كالفساد.
ما النفع من حوارات السياسيين على التلفاز وإدلائهم بآرائهم السياسية، فهذا ليس بإعلام. في النهاية الآراء السياسية تزيد من الإسطفافات السياسية بينما السياسيين الذين يتشاجرون ظاهرياً، فهم ضمناً يتفقون على المحاصصة وإقتسام مغانم البلد، "وما في حدا يسأل". لذا مستقبل "الفساد" هو من مستقبل الإعلام في لبنان.

- ما هي أكثر المواقف صعوبة في حياة الإعلامية غادة عيد؟
على صعيد عملي الإعلامي شعرت بالظلم لدى تآمرهم علي لإصدار مذكرة توقيف بحقي. في هذه اللحظة زاد إصراري للمتابعة وإيصال صوت الناس المظلومين لأنه لدي الإمكانية في الوقوف إلى جانبهم وإيصال معاناتهم. فكرت إني لو ظلمت وما من مكان ألجأ إليه ماذا كنت لأفعل. الموقف الذي تعرّضت له زادني قوة وصلابة، ولم أسمح لهم بتنفيذ مذكرة التوقيف لأنني كنت على حق. "هذا الموقف خليني إستمد قوة أكثر من ما هو يأدر يسيطر عليي" (قالتها بحزم).

- في إحدى المقابلات قلت: "إن معظم إعلاميين اليوم يقطفون ثمرة علاقاتهم مع السياسيين من خلال برامجهم الإعلامية أنا على العكس أدفع الثمن".
عندما لا أستطيع النوم في منزلي لمدة 40 يوماً بسبب مذكرة توقيف، فأنا أدفع الثمن. عندما أبقى في صراع دائم مع عائلتي لخوفهم علي من عملي، لتعريض حياتي للخطر، هذا هو الثمن الذي أدفعه. حياتي ليست كحياة باقي الإعلاميين الذين تربطهم علاقة صداقة مع السياسيين، أما أنا فأحمل عبء خصوم على أكتافي "مش فرآنة معي" وصداقتهم لا تهمني لكن هناك أثمان تدفع وأبقى في خطر دائم رغم أنني لا أخاف. هناك تضحيات كبيرة يجب أن تقدّم، مثلما تعرضت لإهانة مباشرة على الهواء من قبل النائب إبراهيم كنعان، تعرّضت لإهانة أخرى من الوزير السابق جهاد أزعور في إحدى الأماكن العامة. العمل الإعلامي بحاجة للمواجهة وعملي يجعلني أخوض معارك كثيرة. "في أثمان لازم تندفع".

- تدخلين في معارك كثيرة، من أين تستمدين قوتك، من هو الداعم؟
الله يعطي القوة، وشخصية الإنسان التي تتبلور مع الوقت هي الداعم المعنوي الوحيد، ولكن طبعاً إدارة المحطة تدعم الإعلامي أيضاً. بالنسبة للسياسيين فما من أحد يدعم غادة عيد التي لم توفر أحداً في هجومها في خصوص تجاوزاتهم في الحكم. دائما من هو بالحكم يخطئ ولكن الأهم هو معالجة الخطأ بدل الهجوم على من يسلط الضوء عليه. عندما أي سياسي يوظف مدير غير مؤهل للوظيفة فذلك لن يعود بالمنفعة على أحد.
عند إنتقادي للمدير لم يستنفر الحزب بأكمله للهجوم على غادة عيد بدل أن يفصل المدير من مركزه.
على السياسي أن يعيد حساباته بخصوص الناس الذين يمثلونه بالحكم لذا لا يجب على أحد أن يغضب لدى فتحي هكذا ملفات لما أعتبر التيار الوطني الحر أنني أهاجمهم لدى مطالبتي بحقوق مواطن عمل مع ابراهيم كنعان أن كان هذا التيار من مشجعي غادة عيد.هذه العقلية لا تليق بنا كأناس ضحّوا وعانوا ولديهم حرية سياسية. علينا أن نبحث في المواضيع التي تهمنا وأظن أنني خلقت ذهنية جديدة في التعاطي. لم أقف بوجه فريق أكثر من غيره لذلك لست عدوة شخصية لأحد، لذلك جميع الأطياف السياسية اللبنانية وكل فئاته المختلفة يلتقون على برنامج "الفساد" لأن كل لبنان متضرر من الفساد السائد.

- ما مدى تدخل New TV في عملك؟
لدي حرية تامة في ألـ New TV وإلاّ لما تواجد واستمر برنامج "الفساد".

- إعلامية مثلك كسرت كل القواعد والقيود، ما هي حدودك ومن يرسمها؟
حدودي ترسمها الحقيقة والناس. هناك إنسان يريد التعبير عن وجعه والظلم الذي يتعرّض له. لذلك هناك منبر ليتحدث بحرية تامة وإلا لما هناك قانون في الدستور لحماية حرية الإنسان؟ إن كان الشخص يحمل معطيات ومستندات صحيحة فأنا أبرز القضية على عاتقي الشخصي وكفالتي لماذا لا نستطيع التكلم عن أحد، ما الذي يمنعنا؟ لدينا حرية إعلامية وشخصية لذا ما من شيء يقيدنا وإلاّ ما معنى حرية الإعلام؟


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق